فصل: الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


إبضاع

التّعريف

1 - الإبضاع مصدر أبضع، ومنه البضاعة‏.‏ والبضاعة من معانيها القطعة من المال، أو هي طائفة من المال تبعث للتّجارة‏.‏ وأبضعه البضاعة أعطاه إيّاها‏.‏ ويعرّف الفقهاء الإبضاع بأنّه بعث المال مع من يتّجر به تبرّعاً، والرّبح كلّه لربّ المال‏.‏ هذا والأصل أن يكون الإبضاع تبرّعاً من العامل‏.‏ واعتبره المالكيّة إبضاعاً ولو كان بأجر‏.‏ ويطلق الفقهاء لفظ البضاعة على المال المبعوث للاتّجار به، والإبضاع على العقد ذاته، وقد يطلقون البضاعة ويريدون بها العقد‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

2 - القراض‏:‏ ويسمّى عند أهل العراق المضاربة، وهو دفع الرّجل ماله إلى آخر ليتّجر فيه، على أن يكون للعامل جزء شائع من الرّبح‏.‏ فالقراض شركة في الرّبح بين ربّ المال والعامل، بينما الإبضاع لا يحمل صورة المشاركة، بل صورة التّبرّع من العامل في التّجارة لربّ المال دون مقابل‏.‏ القرض‏:‏ وهو لغةً القطع‏.‏ وعرّفه الفقهاء بأنّه دفع المال إرفاقاً لمن ينتفع به ويردّ بدله‏.‏ وهو نوع من السّلف، فيصحّ بلفظ قرض وسلف‏.‏ الوكالة‏:‏ وهي في اللّغة التّفويض‏.‏ وعرّفها الفقهاء بأنّها إقامة الإنسان غيره مقام نفسه فيما يقبل الإنابة‏.‏ والوكالة عامّة في كلّ ما تصحّ النّيابة فيه، لكنّ الإبضاع قاصر على ما يدفعه ربّ المال للعامل ليتّجر فيه، فهو وكيل في هذا فقط‏.‏

صفة الإبضاع ‏(‏حكمه التّكليفيّ‏)‏‏:‏

3 - الإبضاع عقد جائز لأنّه يتمّ على وجه لا غرر فيه‏.‏ وإذا كانت المضاربة، مع ما فيها من شبهة غرر، جائزةً، فمن باب أولى أن يقع الإبضاع جائزاً، سواء أكان عقده مستقلّاً أم تابعاً لعقد المضاربة، كأن دفع العامل المال بضاعةً لعامل آخر، فهو عقد صحيح، لأنّ الإبضاع سبيل لإنماء المال بلا أجر، وهذا ممّا يرتضيه ربّ المال‏.‏

حكمة تشريعه‏:‏

4 - الإبضاع من عادة التّجّار، والحاجة قد تدعو إليه، لأنّ ربّ المال قد لا يحسن البيع والشّراء، أو لا يمكنه الخروج إلى السّوق، وقد يكون له مال ولا يحسن التّجارة فيه، وقد يحسن ولا يتفرّغ وقد لا تليق به التّجارة، لكونه امرأةً، أو ممّن يتغيّر بها، فيوكّل غيره‏.‏ وما الإبضاع إلاّ توكيل بلا جعل، فهو حينئذ سبيل للمعروف وتآلف القلوب وتوثيق الرّوابط، خصوصاً بين التّجّار‏.‏ وكما أنّ عقد الإبضاع سبيل لإنماء مال ربّ المال، فقد يكون سبيلاً لإنماء مال العامل المتبرّع، وذلك إذا دخل العامل مع ربّ المال بالنّصف مثلاً، كأن يقدّم ربّ المال ألفاً والعامل ألفاً، ويكون الرّبح مناصفةً بينهما، فالمشاركة هنا تزيد في رأس المال، وبالتّالي تزيد الأرباح، وفي ذلك ما فيه من مصلحة العامل‏.‏ فيكون العامل هنا استخدم مال ربّ المال، وهو النّصف، وردّ له أرباحه متبرّعاً بعمله، واستفاد هو من مشاركة مال ربّ المال في زيادة رأس ماله، ومن ثمّ يزيد ربحه‏.‏

صيغة الإبضاع‏:‏

5 - أجمع الفقهاء على اعتبار الصّيغة، وهي الإيجاب والقبول، ركناً في كلّ عقد‏.‏ وتفصيل الكلام في ذلك يرجع إليه عند الكلام على العقد‏.‏ وأمّا ما يتّصل بالإبضاع فإنّ الصّيغة اللّفظيّة قد تكون صريحةً بلفظ الإبضاع، أو البضاعة، وقد تكون غير صريحة، كأن يقول‏:‏ خذ هذا المال مضاربةً، على أن يكون الرّبح كلّه لي‏.‏ وهذه الصّورة محلّ خلاف بين الفقهاء‏.‏ فذهب الحنابلة إلى أنّ هذا العقد لا يصحّ، واعتبروا ذلك من باب التّناقض، لأنّ قوله ‏"‏ مضاربةً ‏"‏ يقتضي الشّركة في الرّبح، وقوله ‏"‏ الرّبح كلّه لي ‏"‏ يقتضي عدمها، فتناقض قوله، ففسدت المضاربة، ولأنّه اشترط اختصاص أحدهما بالرّبح، وهذا شرط يناقض العقد ففسد، ولأنّ اللّفظ الصّريح في بابه لا يكون كنايةً في غيره، فالمضاربة لا تنقلب إبضاعاً ولا قرضاً‏.‏ وعلى هذا اعتبروا هذا العقد مضاربةً فاسدةً‏.‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّ هذا إبضاع صحيح، لوجود معنى الإبضاع هنا، فانصرف إليه، كما لو قال‏:‏ اتّجر به والرّبح كلّه لي، وذلك لأنّ العبرة في العقود لمعانيها‏.‏ والمالكيّة أجازوا اشتراط ربح القراض كلّه لربّ المال أو للعامل في مشهور مذهب مالك، أو لغيرهما في المدوّنة، لأنّه من باب التّبرّع، لكنّهم لا يقولون كما قال الحنفيّة‏:‏ إنّ العقد بهذه الصّورة إبضاع، بل يقولون‏:‏ إنّ إطلاق القراض عليه مجاز‏.‏ ومن هنا يتبيّن أنّ المالكيّة رأيهم كرأي الحنفيّة وإن كانوا يخالفون في التّسمية‏.‏ وعلى هذا فإنّ من اعتبر مثل هذا العقد صحيحاً فلا يرى أنّ العامل يستحقّ شيئاً بل هو متبرّع بالعمل‏.‏ وأمّا من اعتبره فاسداً فيوجب له أجر المثل‏.‏ وبعض الشّافعيّة اعتبر حال العامل، فإن كان يجهل حكم الإبضاع وأنّه لا يوجب له أجراً ولا جزءاً من الرّبح فإنّهم يرون أنّ له أجر المثل‏.‏ وينسب هذا الرّأي إلى ابن عبّاس‏.‏ وجهل مثل هذا الحكم ممّا يعذر به بعض النّاس‏.‏

ما يترتّب على الإبضاع بلفظ المضاربة‏:‏

6 - يذكر الحنابلة أنّ ربّ المال إذا قال للعامل‏:‏ خذ هذا المال مضاربةً ولي ربحه كلّه، لم يصحّ مضاربةً‏.‏ ولا أجرة له على الصّحيح لأنّ العامل رضي بالعمل بغير عوض فأشبه ما لو أعانه في شيء، وتوكّل له بغير جعل‏.‏ الإبضاع بألفاظ أخرى‏:‏

7 - يتحقّق الإبضاع بعبارات تدلّ عليه، ولو لم يصرّح بلفظ الإبضاع‏.‏ منها قول ربّ المال‏:‏ خذ هذا المال واتّجر فيه، أو تصرّف فيه، أو خذه والرّبح كلّه لي‏.‏ فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ العقد يكون إبضاعاً، لأنّ اللّفظ في هذه الأحوال يحتمل القراض والقرض والإبضاع، وقد قرن به حكم الإبضاع، وهو أنّ الرّبح كلّه لربّ المال، فينصرف إلى الإبضاع‏.‏ وهو ما يفهم من قواعد الحنفيّة والمالكيّة‏.‏ كما يتحقّق في صورة ما إذا دفع إليه ألفاً وقال‏:‏ أضف إليه ألفاً من عندك، واتّجر فيه، والرّبح بيننا نصفان، فإنّه يكون إبضاعاً على ما سبق ‏(‏ف 4‏)‏

اجتماع الإبضاع والمضاربة‏:‏

8 - إذا دفع نصف المال بضاعةً ونصفه مضاربةً فقبض المضارب على ذلك فهو جائز، والمال على ما سمّيا من المضاربة والإبضاع، والخسارة على ربّ المال، ونصف الرّبح لربّ المال، ونصفه الآخر على ما شرطا، لأنّ الشّيوع لا يمنع من العمل في المال مضاربةً وبضاعةً، وجازت المضاربة والبضاعة‏.‏ وإنّما كانت الخسارة على ربّ المال لأنّه لا ضمان على المبضع والمضارب في البضاعة والمضاربة، وحصّة البضاعة من الرّبح لربّ المال خاصّةً لأنّ المبضع لا يستحقّ الرّبح‏.‏

شروط الصّحّة

9 - شروط صحّة الإبضاع لا تخرج في الجملة عمّا اشترط في صحّة المضاربة ما عدا الشّروط المتعلّقة بالرّبح، ولكن يشترط في العامل أن يكون من أهل التّبرّع‏.‏ وللتّفصيل يرجع إلى مصطلح ‏(‏مضاربة‏)‏‏.‏ من يملك إبضاع المال‏:‏

10 - الّذي يملك إبضاع المال‏:‏

أ - المالك‏:‏ للمالك أن يدفع المال للعامل بضاعةً، وهذه هي الصّورة الأصليّة للإبضاع‏.‏

ب - المضارب‏:‏ للمضارب ‏(‏العامل‏)‏ أن يدفع المال بضاعةً لآخر، لأنّ المقصود من عقد المضاربة الرّبح، والإبضاع طريق إلى ذلك، ولأنّه يملك الاستئجار، فالإبضاع أولى، لأنّ الاستئجار استعمال في المال بعوض، والإبضاع استعمال فيه بغير عوض، فكان أولى‏.‏ والإبضاع يملكه المضارب لأنّه من توابع عقد المضاربة، فلا يحتاج إلى إذن عند البعض على ما سيأتي‏.‏ وجوازه للمضارب أولى من جواز التّوكيل بالبيع والشّراء والرّهن والارتهان والإجارة والإيداع وغير ذلك‏.‏

ج - الشّريك‏:‏ للشّريك أن يبضع من مال الشّركة، على ما صرّح به الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في الصّحيح عندهم، والشّافعيّة بشرط إذن الشّريك‏.‏

الاعتبار الشّرعيّ للمبضع وتصرّفاته‏:‏

11 - المبضع أمين فيما يقبضه من ربّ المال، لأنّ عقد الإبضاع عقد أمانة، فلا ضمان عليه إلاّ بالإهمال أو التّعدّي‏.‏ وهو وكيل ربّ المال في ماله، ينوب عنه في تصرّفاته التّجاريّة من بيع وشراء ممّا فيه إنماء للمال، على ما جرى به عرف التّجّار، دون حاجة إلى إذن خاصّ‏.‏ لكن لو أبضعه لآخر ليعمل فيه على سبيل الإبضاع، فهذا الصّنيع يحتاج إلى إذن ربّ المال قياساً على المضاربة‏.‏ وكذلك يحتاج إلى الإذن من ربّ المال ما كان خارجاً من الأعمال عن عادة التّجّار، كالإقراض، والتّبرّعات والصّدقات والهبات من رأس المال المخصّص لأغراض الإنماء والتّجارة‏.‏ شراء المبضع المال لنفسه‏:‏

12 - إذا دفع ربّ المال المال للعامل بضاعةً، فليس له أن يتّجر فيه لنفسه، شأنه شأن المقارض ‏(‏المضارب‏)‏، فإنّ المال إنّما دفع للعامل في المضاربة والإبضاع على طلب الفضل فيه، فليس للمضارب ولا للمبضع أن يجعلا ذلك لأنفسهما دون ربّ المال‏.‏ وقد نصّ المالكيّة على أنّ المبضع ‏(‏العامل‏)‏ إذا ابتاع لنفسه أنّ صاحب المال مخيّر بين أن يأخذ ما ابتاع لنفسه، أو يضمّنه رأس المال، لأنّه إنّما دفع المال على النّيابة عنه وابتياع ما أمره به، فكان أحقّ بما ابتاعه‏.‏ وهذا إذا ظفر بالأمر قبل بيع ما ابتاعه، فإن فات ما ابتاعه فإنّ ربحه لربّ المال، وخسارته على المبضع معه‏.‏ ومثله مذهب الشّافعيّة في تعدّي المبضع‏.‏ ويؤخذ من مذهب الحنابلة أنّه إن ظهر ربح فهو لربّ المال، وإن ظهرت خسارة فهي على العامل لتعدّيه‏.‏ وقواعد الحنفيّة لا تأبى ذلك‏.‏ تلف المال أو خسارته‏:‏

13 - عقد الإبضاع من عقود الأمانة كما تقدّم، فلا ضمان على من في يده المال إن تلف، أو خسر من غير تفريط ولا تعدّ، فيسمع قوله فيما يدّعيه من هلاك أو خسارة‏.‏ بل قالوا إنّه لا يضمن حتّى ولو قال ربّ المال‏:‏ وعليك ضمانه، لأنّ العقد يقتضي كونه أمانةً‏.‏ والمرويّ عن صاحبي أبي حنيفة، في شأن الأجير المشترك، أنّه لا يقبل قوله في الهلاك إلاّ إذا كان هناك قرينة تدلّ على صدقه، كالحريق الغالب، واللّصّ الكاسر، والعدوّ المكابر، وقالا‏:‏ إنّ ذلك هو الاستحسان، لتغيّر أحوال النّاس، وأفتى بذلك عمر وعليّ في شأن الصّنّاع‏.‏ ومن المعلوم أنّ العين في يد الصّنّاع أمانة، وكذلك هي في يد المبضع، فلا يبعد قياسه عليه‏.‏

اختلاف العامل وربّ المال‏:‏

14 - إذا اختلف ربّ المال والعامل فادّعى العامل أنّه أخذ المال مضاربةً، وادّعى المالك أنّه بضاعة، قال الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة‏:‏ القول قول المالك مع يمينه، لأنّه منكر‏.‏ ونصّ المالكيّة على أنّ عليه للعامل أجرة مثله، إلاّ أن تكون أكثر من نصف ربح القراض، فلا يعطي أكثر ممّا ادّعى‏.‏ وبيّنوا أنّ فائدة كون القول قوله عدم غرامة الجزء الّذي ادّعاه العامل‏.‏ وبيان ذلك أنّ ربّ المال تضمّنت دعواه أنّ العامل تبرّع له بالعمل، وهو ينكر ذلك ويدّعي أنّه بأجرة مثله، لأنّه ليس متبرّعاً‏.‏ وإن نكل ربّ المال كان القول قول العامل مع يمينه إذا كان ممّا يستعمل مثله في القراض‏.‏ ونقل عن بعض القرويّين‏:‏ إن كان عرفهم أنّ للإبضاع أجراً فالأشبه أن يكون القول قول العامل‏.‏ وعند الحنابلة احتمالان‏:‏ أحدهما أن يكون القول قول العامل، لأنّ عمله له، فيكون القول قوله فيه‏.‏ والثّاني‏:‏ أن يتحالفا، ويكون للعامل أقلّ الأمرين من نصيبه من الرّبح أو أجرة مثله، لأنّه لا يدّعي أكثر من نصيبه من الرّبح، فلا يستحقّ الزّيادة عليه‏.‏ وإن كان الأقلّ أجر مثله فلم يثبت كونه قراضاً، فيكون له أجر مثله، والباقي لربّ المال، لأنّ نماء ماله تبع له‏.‏ واعتبر بعضهم هذا من تعارض البيّنتين، فقال‏:‏ إن أقام كلّ واحد منهما بيّنةً بدعواه تعارضا، وقسّم بينهما نصفين‏.‏ والصّحيح عندهم أنّه ليس من تعارض البيّنتين، فيحلف كلّ منهما على إنكار ما ادّعاه خصمه، ويكون للعامل أجر عمله‏.‏ ولا يتأتّى عكس هذه الصّورة، بأن يدّعي العامل الإبضاع وربّ المال القراض، لاستحالة ذلك عادةً، إلاّ أن يقصد منّته على ربّه‏.‏

15 - وإذا ادّعى العامل القراض، وربّ المال الإبضاع بأجرة معلومة - وهو ما سمّاه المالكيّة إبضاعاً، وجعله غيرهم من قبيل الإجارة - فالقول قول العامل مع يمينه، ويأخذ الجزء، لأنّ الاختلاف هنا في الجزء المشروط للمضارب من الرّبح، والمصدّق عند الاختلاف في هذا الجزء المضارب‏.‏ ولهذا إذا كانت الأجرة مثل الجزء الّذي ادّعاه في القراض فلا يمين، لأنّهما قد اتّفقا في المعنى، ولا يضرّ اختلافهما في اللّفظ‏.‏ ولضبط هذه المسألة عند المالكيّة خمسة شروط‏:‏ الأوّل‏:‏ أن تكون المنازعة بعد العمل الموجب للزوم القراض‏.‏ الثّاني‏:‏ أن يكون مثله يعمل في قراض، وأن يكون مثل المال يدفع قراضاً‏.‏ الثّالث‏:‏ أن يكون الجزء المدّعى اشتراطه من ربح القراض أزيد من الأجرة المدّعى الاتّفاق عليها‏.‏ الرّابع‏:‏ أن يشبه أن يقارض بما ادّعاه من نصف الرّبح مثلاً، كأن تقوم قرائن على أنّ مثله لا يعمل إلاّ بمثل هذا الجزء من الرّبح‏.‏ الخامس‏:‏ ألاّ يطابق العرف دعوى ربّ المال‏.‏

16 - وإذا ادّعى العامل الإبضاع بأجر، وربّ المال القراض بجزء معلوم من الرّبح، فقد نصّ المالكيّة على أنّه إذا قال العامل‏:‏ المال بيديّ بضاعة بأجر، وقال ربّ المال‏:‏ هو بيدك قراض بجزء معلوم، فإنّ القول قول العامل‏.‏ وتجري هنا الشّروط المذكورة في المسألة السّابقة‏.‏

17 - وإذا ادّعى العامل القراض وربّ المال الإبضاع، وطلب كلّ منهما الرّبح له وحده، فعند الحنابلة يحلف كلّ منهما على إنكار ما ادّعاه خصمه، لأنّ كلّاً منهما منكر ما ادّعاه خصمه عليه، والقول قول المنكر، وللعامل أجر عمله فقط، والباقي لربّ المال، لأنّ نماء ماله تابع له‏.‏ وعند الحنفيّة، ومقتضى كلام المالكيّة على ما ذكروه في القراض - أنّ القول قول ربّ المال بيمينه، والبيّنة بيّنة العامل، لأنّه يدّعي عليه التّمليك، والمالك ينكره‏.‏‏.‏

انتهاء عقد الإبضاع‏:‏

18 - ينتهي عقد الإبضاع بما ينتهي به عقد المضاربة في الجملة، ويمكن إجمال أسباب الانتهاء بالآتي‏:‏

أ - انقضاء العقد الأصليّ أو المتبوع، فإذا كان الإبضاع لمدّة محدّدة فينتهي بانتهاء المدّة، وإن كان تابعاً لعقد آخر كالمضاربة فإنّه ينتهي بانتهائها‏.‏

ب - الفسخ‏:‏ سواء كان بعزل ربّ المال للعامل أو عزل العامل نفسه، لأنّه عقد غير لازم من الجانبين‏.‏

ج - الانفساخ‏:‏ سواء كان بالموت، أو زوال الأهليّة، أو هلاك المحلّ‏.‏

إبط

التّعريف

1 - الإبط باطن المنكب‏.‏ والجمع آباط‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء للفظ الإبط عن معناه اللّغويّ‏.‏ الحكم الإجماليّ‏:‏

2 - يختلف الحكم عند الفقهاء بحسب ما يتعلّق بالإبط من أمور، فبالنّسبة لشعر الإبط تسنّ إزالته عند جمهور الفقهاء‏.‏

مواطن البحث

3 - تذكر أحكام الإبط عند الفقهاء بحسب ما يتعلّق به، كلّ في موضعه‏.‏ فإزالة شعره تذكر في الطّهارة عند الكلام عن الغسل عند الحنفيّة، وسنن الفطرة عند الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة‏.‏ وظهور بياض الإبط في الدّعاء في مبحث صلاة الاستسقاء‏.‏ وظهور بياض الإبط في إقامة الحدود في كتاب الحدود‏.‏ وجعل الرّداء تحت الإبط الأيمن، وإلقاؤه على الكتف الأيسر في مبحث الإحرام من الحجّ‏.‏

إبطال

1 - الإبطال لغةً‏:‏ إفساد الشّيء وإزالته، حقّاً كان ذلك الشّيء أو باطلاً‏.‏ قال اللّه تعالى ‏{‏ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل‏}‏ وشرعاً‏:‏ الحكم على الشّيء بالبطلان، سواء وجد صحيحاً ثمّ طرأ عليه سبب البطلان، أو وجد وجوداً حسّيّاً لا شرعيّاً‏.‏ فالأوّل كما لو انعقدت الصّلاة صحيحةً ثمّ طرأ عليها ما يبطلها، والثّاني كما لو عقد على إحدى المحرّمات عليه على التّأبيد، كما يستفاد من عبارات الفقهاء‏.‏ ويأتي على ألسنة الفقهاء بمعنى الفسخ، والإفساد، والإزالة، والنّقض، والإسقاط، لكنّه يختلف عن هذه الألفاظ من بعض الوجوه، ويظهر ذلك عند مقارنته بها‏.‏ والأصل في الإبطال أن يكون من الشّارع، كما يحدث الإبطال ممّن قام بالفعل أو التّصرّف، وقد يقع من الحاكم في الأمور الّتي سلّطه عليها الشّارع‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - ‏(‏الإبطال والفسخ‏)‏‏:‏

2 - يعبّر الفقهاء أحياناً في المسألة الواحدة تارةً بالإبطال، وتارةً بالفسخ، غير أنّ الإبطال يحدث أثناء قيام التّصرّف وبعده، وكما يحصل في العقود والتّصرّفات يحدث في العبادة‏.‏ أمّا الفسخ فإنّه يكون غالباً في العقود والتّصرّفات، ويقلّ في العبادات ومنه فسخ الحجّ إلى العمرة، وفسخ نيّة الفرض إلى النّفل، ويكون في العقود قبل تمامها، لأنّه فكّ ارتباط العقد أو التّصرّف‏.‏

ب - ‏(‏الإبطال والإفساد‏)‏‏:‏

3 - يأتي التّفريق بين الإبطال والإفساد تفريعاً على التّفرقة بين الباطل والفاسد‏.‏ ويتّفق الفقهاء على أنّ الباطل والفاسد بمعنًى واحد في العبادات، إن استثنينا الحجّ عند الشّافعيّة والحنابلة‏.‏ وغير العبادة كذلك غالباً عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة‏.‏ أمّا الحنفيّة فإنّهم يفرّقون في أغلب العقود بين الفاسد والباطل، فالباطل ما لا يكون مشروعاً لا بأصله ولا بوصفه، والفاسد ما يكون مشروعاً بأصله دون وصفه‏.‏ ولتفصيل ذلك ‏(‏ر‏:‏ بطلان، فساد‏)‏

ج - ‏(‏الإبطال والإسقاط‏)‏‏:‏

4 - الإسقاط فيه رفع لحقّ ثابت‏.‏ وفي الإبطال منع لقيام الحقّ أو الالتزام‏.‏ وقد يأتي كلّ من الإبطال والإسقاط بمعنًى واحد أحياناً في كلام الفقهاء، كقولهم‏:‏ الوقف لا يبطل بالإبطال، وقولهم أسقطت الخيار أو أبطلته‏.‏

الحكم الإجماليّ

5 - جمهور الفقهاء على أنّه لا يصحّ إبطال العبادة بعد الفراغ منها‏.‏ وفي رأي للمالكيّة أنّ نيّة إبطال العبادة بعد الفراغ منها صحيح تبطلها‏.‏ ويحرم إبطال الفرض بعد التّلبّس به دون عذر شرعيّ، وكذلك النّفل عند الحنفيّة والمالكيّة‏.‏ ويجب إعادته، لقول اللّه سبحانه ‏{‏ولا تبطلوا أعمالكم‏}‏‏.‏ ويكره عند الشّافعيّ والحنابلة إبطال النّافل بعد الشّروع فيها، عدا الحجّ والعمرة‏.‏ أمّا فيهما فيحرم الإبطال عند الشّافعيّة، وهو رواية عن أحمد‏.‏ والرّواية الثّانية أنّهما كسائر التّطوّعات‏.‏ ومثل الحجّ والعمرة عند الشّافعيّة الجهاد في سبيل اللّه‏.‏ أمّا التّصرّفات اللاّزمة فلا يرد عليها الإبطال بعد نفاذها إلاّ برضا العاقدين، كما في الإقالة‏.‏ وفي العقود غير اللاّزمة من الجانبين لكلّ من العاقدين إبطالها متى شاء‏.‏ وفي العقود اللاّزمة من جانب دون آخر، يصحّ الإبطال ممّن العقد غير لازم في حقّه‏.‏ والمراد هنا الإبطال بمعنى الفسخ‏.‏

مواطن البحث

6 - أحكام الإبطال قبل الانعقاد تذكر في ‏"‏ بطلان ‏"‏ وبعده تذكر في ‏"‏ فسخ»‏.‏ ولمّا كان الإبطال يعتري العبادات والتّصرّفات فإنّه يصعب سرد مواطنه تفصيلاً، لذلك يرجع في كلّ عبادة إلى سبب إبطالها، وفي العقود والتّصرّفات إلى موضعه من كلّ عقد أو تصرّف، كما يفصّل الأصوليّون ذلك في كتبهم‏.‏

أبطح

التّعريف

1 - الأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى‏.‏ والجمع الأباطح، والبطائح والبطاح أيضاً على غير القياس‏.‏ واختلف الفقهاء في تحديد المكان المسمّى بالأبطح من بين أماكن النّسك، فقال الجمهور هو اسم لمكان متّسع بين مكّة ومنًى، وهو إلى منًى أقرب‏.‏ وهو اسم لما بين الجبلين إلى المقبرة، ويقال له‏:‏ الأبطح، والبطاح، وخيف بني كنانة، ويسمّى أيضاً بالمحصّب‏.‏ وقال بعض المالكيّة‏:‏ هو مكان بأعلى مكّة تحت عقبة كداء وهو من المحصّب، والمحصّب ما بين الجبلين إلى المقبرة‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - حكم النّزول في الأبطح، وصلاة الظّهر والعصر والمغرب والعشاء فيه، مستحبّ عند جميع علماء المذاهب الأربعة، لثبوت نزول الرّسول صلى الله عليه وسلم وصلاته فيه، واقتداء أبي بكر وعمر وعثمان به في ذلك‏.‏ واتّفقوا على أنّ ترك النّزول فيه لا يؤثّر في النّسك بإفساد أو إيجاب دم‏.‏ ويرى ابن عبّاس وعائشة رضي الله عنهما، أنّه مكان نزل فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للرّاحة، وليس من المناسك‏.‏

مواطن البحث

3 - يفصّل الفقهاء ذلك في كتاب الحجّ في الكلام على النّفرة من منًى‏.‏

أبكم

التّعريف

1 - الأبكم صفة من البكم الّذي هو الخرس‏.‏ وقيل‏:‏ الأخرس‏:‏ الّذي خلق لا ينطق، والأبكم‏:‏ الّذي له نطق ولا يعقل الجواب‏.‏ والفقهاء في استعمالاتهم لا يفرّقون بين الأبكم والأخرس‏.‏ القاعدة العامّة والحكم الإجماليّ‏:‏

2 - لمّا فقد الأخرس قدرة البيان باللّسان اكتفي منه بالنّيّة وتحريك اللّسان، أو التّمتمة في العبادات، كالصّلاة وقراءة القرآن والتّلبية‏.‏ والمالكيّة يصحّ عندهم الاكتفاء بالنّيّة‏.‏ هذا والفقهاء يفصّلون ذلك في الصّلاة والحجّ‏.‏ أمّا في غير ذلك فيلزمه البيان في الجملة بالكتابة‏.‏ ولا يعدل عنها إذا كان يجيدها‏.‏ أمّا إذا كان غير كاتب فيكتفى منه بالإشارة المفهمة، في مثل البيوع والمعاملات والشّهادات وغيرها‏.‏ هذا والفقهاء يفصّلون ذلك في البيوع والنّكاح والمعاملات والشّهادات‏.‏ أمّا في الحدود، فلا يقبل إقراره على نفسه، ولا شهادته على غيره، على تفصيل للفقهاء في ذلك‏.‏ لوجود الشّبهة الّتي تدرأ الحدود‏.‏ وتفصيل ذلك في الحدود‏.‏

مواطن البحث

3 - وهناك تفصيل في حكم الجناية على لسان الأبكم أو جنايته على لسان غيره، يفصّله الفقهاء في مبحث الجناية على ما دون النّفس‏.‏ ولهم تفصيل في اعتبار البكم عيباً في الرّقيق، أو في النّكاح، أو في القضاء والإمامة‏.‏

إبل

التّعريف

1 - الإبل‏:‏ اسم جمع لا مفرد يقع على الواحد والجميع‏.‏ والجمع آبال‏.‏ وواحدها بعد النّحر يسمّى جزوراً‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - اختلف الفقهاء في نقض الوضوء من لحم الإبل، فالجمهور على أنّه لا ينقض الوضوء بأكل لحمها‏.‏ والحنابلة على أنّه ينقض الوضوء، ولو كان اللّحم نيئاً‏.‏

مواطن البحث

3 - يتعلّق بالإبل أمور كثيرة بحثها الفقهاء كلّاً في موضعه، فمسألة الوضوء من أكل لحمها تطرّق إليه الفقهاء في الطّهارة عند الحديث عن نواقض الوضوء، والصّلاة بمعاطنها بحث في الصّلاة عند الحديث عن شروطها‏.‏ وأبوال الإبل وأرواثها يبحث عن طهارتهما في باب النّجاسات‏.‏ والتّداوي بألبانها وأبوالها يبحث عنها في مصطلح ‏(‏تداوي‏)‏‏.‏ وزكاتها في الزّكاة عند الحديث عن زكاة الإبل والتّضحية بها وسنّ الثّني منها بحثت في الأضحيّة، والهدي بها بحث في الحجّ عند الحديث عن الهدي، وتذكيتها بحثت في الذّبائح وإعطاء الإبل في الدّية في الدّيات عند الحديث عن مقادير الدّيات، وصفة الحرز فيها بحث في السّرقة عند الحديث عن بيان صفة الحرز، والمسابقة بينها بحثت في السّبق والرّمي، والإسهام لها في الغنيمة بحث في الجهاد، ونحرها عقيقةً بحث في الأضحيّة عند الحديث عن العقيقة، وغير ذلك من الأمور‏.‏

إبلاغ

انظر‏:‏ تبليغ‏.‏

ابن

التّعريف

1 - المعنى الحقيقيّ للابن هو الصّلبيّ، ولا يطلق على ابن الابن إلاّ تجوّزاً‏.‏ والمراد بالصّلبيّ المباشر، سواء كان لظهر أو لبطن‏.‏ وإطلاق الابن على الابن من الرّضاعة مجاز أيضاً، لكنّه إذا أطلق ينصرف للابن النّسبيّ المباشر، ولا يطلق إلاّ على الذّكر‏.‏ بخلاف ‏"‏ الولد ‏"‏ فإنّه يشمل الذّكر والأنثى‏.‏ ومؤنّث الابن ابنة، وفي لغة‏:‏ بنت‏.‏ والابن من الأناسيّ يجمع على بنين وأبناء، أمّا غير الأناسيّ ممّا لا يعقل كابن مخاض وابن لبون، فيقال في الجمع‏:‏ بنات مخاض وبنات لبون‏.‏ ويضاف الابن إلى لفظ من غير ما يدلّ على الأبوّة، لملابسة بينهما، نحو‏:‏ ابن السّبيل‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللّغويّ‏.‏ وهو بالنّسبة للأب‏:‏ كلّ ذكر ولد له على فراش صحيح، أو بناءً على عقد نكاح فاسد، أو وطء بشبهة معتبرة شرعاً، أو ملك يمين‏.‏ وبالنّسبة للأمّ‏:‏ هو كلّ ذكر ولدته من نكاح أو سفاح‏.‏ كذلك من أرضعت ذكراً صار ابناً لها من الرّضاع‏.‏

الحكم الإجماليّ‏:‏

2 - الابن عاصب بنفسه، وهو أولى العصبة، ولذلك يقدّم على من عداه من العصبات‏.‏ ويترتّب على ذلك ما يأتي‏:‏ أنّه يرث تعصيباً‏:‏ يأخذ جميع المال إذا انفرد، ويأخذ الباقي بعد أخذ أصحاب الفروض، ويعصب أخته، وله معها مثل حظّ الأنثيين‏.‏ ولا يحجب من الميراث أصلاً، وإنّما يحجب غيره حجب حرمان، أو حجب نقصان وهذا محلّ اتّفاق بين الفقهاء‏.‏ كما أنّه هو الّذي يرث الولاء دون البنت، عند جميع الفقهاء‏.‏ والابن دون البنت ممّن يتحمّل نصيبه من القسامة والدّية عند المالكيّة والحنفيّة، وعند الحنابلة على رواية، بدخوله في العاقلة‏.‏ وعلى رأي أبي عليّ الطّبريّ من الشّافعيّة‏.‏ وهذا على تفصيل يعرف في أبوابه‏.‏ وللابن ولاية تزويج أمّه عند الجمهور‏.‏ وتفصيل ذلك في باب الولاية‏.‏ وفي تقديمه على البنت في نفقة الوالدين خلاف‏.‏ ويخصّه بعض الفقهاء في العقيقة عنه بشاتين بينما يجعلون العقيقة عن البنت بشاة واحدة‏.‏ هذا بالنّسبة للابن من النّسب‏.‏ أمّا الابن من الرّضاع فإن أهمّ ما يتّصل به من أحكام هو‏:‏ تحريم النّكاح، وجواز الخلوة، وعدم نقض الوضوء بالمسّ عند من يرى النّقض به، وغير ذلك من الأحكام الخاصّة بالابن النّسبيّ‏.‏ والابن من الزّنى نسبه لأمّه فقط، لأنّه لا يلحق بالزّاني‏.‏ والزّنى يفيد حرمة المصاهرة عند بعض الأئمّة، على خلاف وتفصيل يرجع إليه في أحكام النّكاح، فمثلاً تحرم بنت الزّاني على ذكر خلق من ماء زناه‏.‏

مواطن البحث

3 - للابن أحكام متعدّدة مفصّلة في مواطنها من كتب الفقه، ومن ذلك الإرث، والنّكاح، والرّضاع، والنّفقة، والحضانة، والنّسب، والزّنى، والجنايات، والعقيقة، وغير ذلك‏.‏

ابن الابن

التّعريف

1 - ابن الابن هو المذكّر من أوّل فرع للابن في النّسب والرّضاع‏.‏ وعند الإطلاق ينصرف للنّسب‏.‏ ويقال له حفيد‏.‏ ويطلق الابن على ابن الابن مجازاً‏.‏ كما يطلق أيضاً على ‏"‏ ابن ابن الابن ‏"‏ وإن نزل‏.‏ ولا يخرج مراد الفقهاء عن هذا المعنى اللّغويّ‏.‏ إذا ثبت النّسب على وجه شرعيّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة‏:‏

2 - ولد الابن‏:‏ وهو أعمّ من ابن الابن إذ يشمل أيضاً بنت الابن‏.‏ السّبط‏:‏ وأكثر ما يستعمل لولد البنت، ومنه قيل للحسن والحسين رضي الله عنهما‏:‏ سبطا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقد يقال لولد الولد سبط‏.‏

الحكم الإجماليّ

3 - أجمع الفقهاء على أنّ ابن الابن من العصبات، وأنّه يحجبه الابن الأعلى، ويحجب هو من دونه، وأنّه يعصب من يحاذيه من أخواته وبنات أعمامه، كما أنّه يعصب من فوقه من عمّاته إن لم يكن لهنّ من فرض البنات شيء‏.‏ واختلف الفقهاء في مسألة ولاية ابن الابن لجدّته في النّكاح، فالجمهور على أنّ له ولاية النّكاح، وخالف في ذلك الشّافعيّة‏.‏

مواطن البحث

4 - يفصّل الفقهاء أحكام ابن الابن بالنّسبة لكلّ مسألة فقهيّة في موضعها‏.‏ فمسألة إرثه تذكر في باب الفرائض عند الكلام عن ميراث العصبات، وعن الحجب، ومسألة ولايته لجدّته في النّكاح تذكر في النّكاح عند الحديث عمّن يلي النّكاح، وغير ذلك من المسائل المتعلّقة به، ممّا يفصّله الفقهاء في أبوابه المعروفة‏.‏

ابن الأخ

التّعريف

1 - يطلق ابن الأخ لغةً واصطلاحاً على الذّكر من ولد الأخ، سواء أكان الأخ شقيقاً أم لأب أم لأمّ أم رضاعاً‏.‏ وعند الإطلاق ينصرف إلى النّسبيّ‏.‏ ويطلق ابن الأخ على ابن ابن الأخ وإن نزل، وذلك على سبيل المجاز‏.‏

الحكم الإجماليّ‏:‏

2 - يحلّ ابن الأخ محلّ الأخ عند عدمه، في الميراث، إلاّ في خمسة أمور‏:‏

الأوّل‏:‏ أنّه لا يعصب أخته‏.‏

والثّاني‏:‏ أنّ الجدّ يحجب ابن الأخ بأنواعه، لأنّه كالأخ، وهم لا يرثون معه، ولا يحجب الأخ لأبوين أو لأب عند أغلب الفقهاء‏.‏

والثّالث‏:‏ أنّ العدد منهم لا يحجب الأمّ من الثّلث إلى السّدس، بخلاف الإخوة، فإنّهم يحجبونها حجب نقصان‏.‏

والرّابع‏:‏ أنّ ابن الأخ لأمّ لا يرث باعتباره صاحب فرض، ويرث الأخ لأمّ

والخامس‏:‏ أنّه لا يرث أبناء الإخوة لو فرضوا مكان الإخوة في المسألة المشتركة‏.‏ ويتّفق الفقهاء على تقديم ابن الأخ لأبوين، أو لأب، على العمّ في الميراث، وفي الوصيّة لأقرب الأقارب، وولاية النّكاح، والحضانة‏.‏ ويقدّمون جميعاً الجدّ على ابن الأخ في الحضانة‏.‏ وغير المالكيّة على هذا في الوصيّة لأقرب الأقارب، وفي النّكاح‏.‏ ويقدّم المالكيّة ابن الأخ، لأبوين أو لأب، على الجدّ في الوصيّة لأقرب الأقارب أو الأرحام، وفي ولاية النّكاح‏.‏ وليس لابن الأخ من الرّضاع أحكام تخصّه سوى تحريم عمّته عليه‏.‏

مواطن البحث

3 - يتكلّم الفقهاء عن ابن الأخ أثناء الكلام عن الأقارب والأرحام في الزّكاة ‏(‏مصارفها أو قسم الصّدقات‏)‏ وفي الوقف والوصيّة للأرحام أو الأقارب، وفي الهبة ‏(‏الاعتصار أو الرّجوع في الهبة‏)‏، وفي الميراث في العصبة، وأصحاب الفروض وذوي الأرحام، وفي النّكاح في ترتيب الأولياء، وفي المحرّمات، وفي الرّضاع ‏(‏ما يحرم على المرضع‏)‏، وفي الحضانة، وفي القضاء، وفي الشّهادة ‏(‏شهادة الأقارب‏)‏ والحكم لهم وعليهم، وفي العتق ‏(‏من يعتق على الإنسان‏)‏‏.‏

ابن الأخت

التّعريف

1 - ابن الأخت إمّا أن يكون نسباً أو رضاعاً‏.‏ فابن الأخت من النّسب هو الولد الذّكر النّسبيّ للأخت النّسبيّة‏.‏ وهو على ثلاثة أنواع‏:‏ ابن أخت شقيقة، وابن أخت لأب، وابن أخت لأمّ‏.‏ أمّا ابن الأخت رضاعاً فهو الولد الذّكر الّذي أرضعته الأخت النّسبيّة، أو هو الولد الذّكر النّسبيّ للأخت من الرّضاع، مع ملاحظة أنّ لفظ «ولد ‏"‏ يشمل الذّكر والأنثى، ولفظ «ابن ‏"‏ لا يتناول إلاّ الذّكر‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

ابن الأخت من المحارم‏:‏

2 - اتّفق الفقهاء على أنّ ابن الأخت من أولي الأرحام المحارم، فيسري عليه من الأحكام ما يسري على المحارم من تحريم النّكاح، وإباحة الدّخول على النّساء، والنّظر إليهنّ في حدود المباح، والقطع في السّرقة‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح «محارم ‏"‏، وفي أبواب الحظر والإباحة، والنّكاح، من كتب الفقه‏.‏ ابن الأخت من ذوي الأرحام‏:‏

3 - اتّفق الفقهاء على أنّ ابن الأخت من ذوي الأرحام - وهم الّذين يدلون في قرابتهم للشّخص بأنثى - ولهؤلاء أحكام خاصّة في الإرث، والنّفقة، وأحقّيّة الإمامة في الصّلاة على الجنازة، والولاية، وصلة الرّحم فصّلها الفقهاء في الأبواب المذكورة من كتب الفقه‏.‏ وفي تقديم الخالة على الأب في حضانة ابن أختها خلاف تجده مفصّلاً في مبحث الحضانة من كتب الفقه‏.‏

ابن البنت

التّعريف

1 - ابن البنت إمّا أن يكون نسباً أو رضاعاً، فابن البنت النّسبيّ هو الولد الذّكر النّسبيّ للبنت النّسبيّة‏.‏ وابن البنت رضاعاً هو من حلّت فيه علاقة الرّضاع محلّ علاقة النّسب فيما سبق‏.‏ وهو إمّا أن يكون الابن من الرّضاع للبنت من النّسب، أو يكون الابن من النّسب للبنت من الرّضاع‏.‏ أو يكون الابن الرّضاعيّ للبنت الرّضاعيّة‏.‏ وعند الإطلاق ينصرف إلى ابن البنت من النّسب‏.‏

2 - اتّفق الفقهاء على عدم دخول ابن البنت في لفظ «أولادي ‏"‏ كقول الواقف‏:‏ وقفت هذه الدّار على أولادي‏.‏ واختلفوا في دخوله في ألفاظ ‏"‏ أولاد أولادي ‏"‏ ‏"‏ ونسلي ‏"‏ ‏"‏ وعقبي ‏"‏ ‏"‏ وذرّيّتي»‏.‏ وقد تناول الفقهاء ذلك بالتّفصيل في كتاب الوقف عند حديثهم عن الموقوف عليه‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

3 - اتّفق الفقهاء على ابن البنت من المحارم، وأنّه يسري عليه من الأحكام ما يسري على سائر المحارم، من تحريم نكاحه لجدّته، كما نصّ على ذلك الفقهاء في كتاب النّكاح عند كلامهم على المحرّمات، ومن جواز مخالطته لجدّته، ومرافقتها له في السّفر، كما نصّ على ذلك الفقهاء في الحجّ، وفي كتاب الحظر والإباحة، ومن جواز نظره إلى مثل الرّأس والذّراع، وما ليس بعورة منها بالنّسبة إليه، كما نصّ على ذلك الفقهاء في باب العورة، ويشاركه في هذه الأحكام ابن البنت من الرّضاع‏.‏

4 - اتّفق الفقهاء كذلك على أنّ ابن البنت من ذوي الأرحام، وهم الّذين يدلون في قرابتهم للشّخص بأنثى‏.‏ وهؤلاء - وابن البنت منهم - لهم أحكام خاصّة في الميراث وغيره من الأحكام الدّائرة بين ابن البنت والجدّ أو الجدّة، كالولاية، والحضانة، والنّفقة، والرّجوع في الهبة، وفي الجناية‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح «أرحام ‏"‏ ويفصّله الفقهاء في المواطن السّابق ذكرها‏.‏

ابن الخال

التّعريف‏.‏

1 - ابن الخال هو ابن أخي الأمّ‏.‏ وهو إمّا أن يكون ابن خال من النّسب، أو من الرّضاع‏.‏ فالأوّل هو الولد الذّكر الصّلبيّ النّسبيّ لأخي الأمّ من النّسب، وهو المراد عند الإطلاق‏.‏ والثّاني هو الولد الذّكر لأخي الأمّ بعلاقة الرّضاع، مع ملاحظة أنّ لفظ «ولد ‏"‏ يطلق على الذّكر والأنثى، أمّا لفظ «ابن ‏"‏ فإنّه لا يطلق إلاّ على الذّكر‏.‏

الحكم الإجماليّ، ومواطن البحث

2 - اتّفق الفقهاء على أنّ ابن الخال من الرّحم غير المحرّمة، وأنّه يسري عليه من الأحكام ما يسري على غير المحارم، من جواز النّكاح في حقّه، ومنع الخلوة به للأنثى، وعدم وجوب النّفقة عليه إلاّ إذا كان وارثاً، وغير ذلك‏.‏ ويشاركه في أكثر هذه الأحكام ابن الخال من الرّضاع‏.‏ ويفصّل الكلام على ذلك في مصطلح «محارم ‏"‏، ويفصّل الفقهاء هذه الأحكام في أبواب النّكاح، وغيره‏.‏

3 - كما اتّفقوا على أنّ ابن الخال من ذوي الأرحام‏.‏ وهم الّذين يدلون في قرابتهم للمرء بأنثى‏.‏ ولهؤلاء أحكام خاصّة في الميراث، ذكرها الفقهاء في كتاب المواريث، وفي إمامة صلاة الجنازة على الرّحم الميّت، وفي صلة الرّحم‏.‏ وقد ذكرها الفقهاء في كتاب الجنائز، وفي الولاية، وقد ذكرها الفقهاء في النّكاح عند حديثهم على اشتراط الوليّ لنكاح المرأة‏.‏ وتجد ذلك كلّه مفصّلاً في مصطلح «أرحام»‏.‏‏.‏

ابن الخالة

التّعريف

1 - ابن الخالة إمّا أن يكون نسباً أو رضاعاً‏.‏ فابن الخالة نسباً هو الولد الذّكر النّسبيّ لأخت الأمّ من النّسب‏.‏ وابن الخالة رضاعاً عندما تحلّ علاقة الرّضاع محلّ علاقة النّسب فيما سبق‏.‏ ويلاحظ أنّ لفظ ولد يشمل الذّكر والأنثى، أمّا لفظ ابن فلا يتناول إلاّ الذّكر‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - اتّفق الفقهاء على أنّ ابن الخالة هو من أولي الأرحام غير المحارم، فيسري عليه من الأحكام ما يسري عليهم، من وجوب الصّلة، وجواز التّناكح، ومنع الخلوة بهم، وعدم وجوب النّفقة عليه إن لم يكن وارثاً، وغير ذلك‏.‏ ويشاركه في أكثر الأحكام ابن الخالة من الرّضاع‏.‏ وتفصيل الكلام على ذلك في بحث ‏"‏ أرحام ‏"‏ وفصّل الفقهاء ذلك في أبواب النّكاح والنّفقة‏.‏

3 - كما اتّفقوا على أنّ ابن الخالة من ذوي الأرحام - وهم الّذين يدلون في قرابتهم للمرء بأنثى - ولهؤلاء أحكام خاصّة في الميراث ذكرها الفقهاء في كتاب المواريث، وفي إمامة صلاة الجنازة على الرّحم الميّت، وقد ذكرها الفقهاء في كتاب الجنائز، وفي الولاية، وقد ذكرها الفقهاء في النّكاح عند حديثهم على اشتراط الوليّ لنكاح المرأة‏.‏ وتجد ذلك كلّه مفصّلاً في مصطلح «أرحام»‏.‏

ابن السّبيل

التّعريف

1 - السّبيل الطّريق‏.‏ وابن السّبيل المسافر الّذي انقطع به الطّريق - وأوسع ما قيل في تعريفه الاصطلاحيّ أنّه‏:‏ المنقطع عن ماله سواء كان خارج وطنه أو بوطنه أو مارّاً به‏.‏ وقد زاد بعضهم قيوداً في التّعريف ترجع إلى شروط اعتباره مصرفاً من مصارف الزّكاة‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - اتّفق الفقهاء على أنّ ابن السّبيل إذا أراد الرّجوع إلى بلده ولم يجد ما يتبلّغ به يعطى من الزّكاة والغنيمة والفيء حسب حاجته، ولا يحلّ له ما زاد عن ذلك‏.‏ والأولى له عند الحنفيّة أن يستقرض إن تيسّر له ذلك‏.‏ وأوجبه المالكيّة إذا لم يكن فقيراً في بلده‏.‏ وخالف في هذا الحنابلة والشّافعيّة في المعتمد، حيث لا يقولون بوجوب الاستقراض ولا بأولويّته‏.‏

مواطن البحث

3 - يفصّل الفقهاء ذلك في مصارف الزّكاة والفيء وقسمة الغنيمة‏.‏

ابن العمّ

التّعريف

1 - ابن العمّ لغةً هو الذّكر من أولاد أخي الأب في النّسب أو الرّضاع‏.‏ وعند الإطلاق ينصرف إلى ابن العمّ النّسبيّ‏.‏ وهو عند الفقهاء كذلك‏.‏ وهو إمّا ابن عمّ شقيق أو لأب أو لأمّ

الحكم الإجماليّ‏:‏

2 - ابن العمّ، شقيقاً كان أو لأب، عاصب بنفسه، يرث جميع المال إذا انفرد ولم يكن عاصب أولى منه، والباقي بعد أصحاب الفروض‏.‏ وهذا محلّ اتّفاق‏.‏ أمّا ابن العمّ لأمّ فهو من ذوي الأرحام، وهو يرث غالباً بهذه الصّفة، على اختلاف عند المتقدّمين والمتأخّرين من الفقهاء في التّوريث، وفي كيفيّته‏.‏ وابن العمّ العاصب له حقّ ولاية تزويج أولاد عمّه، إذا لم يوجد من هو أولى منه‏.‏ وله أيضاً حقّ استيفاء القصاص إن كان وارثاً‏.‏ وهذا متّفق عليه‏.‏ ومن يورّث ابن العمّ لأمّ - لتوريثه ذوي الأرحام - يثبت له هذا الحقّ باعتباره وارثاً، لكن لا حقّ لابن العمّ مطلقاً في ولاية المال‏.‏ ويثبت لابن العمّ العاصب باتّفاق حقّ حضانة ابن عمّه الذّكر إذا لم يوجد من النّساء من يستحقّ الحضانة، ولا من الرّجال من هو أولى منه‏.‏ أمّا بالنّسبة للأنثى فهو غير محرم لها، فإذا كانت مشتهاةً فلا تدفع إليه إلاّ إذا كانت محرّمةً عليه برضاع أو غيره‏.‏ ومثله عند المالكيّة خاصّةً ابن العمّ لأمّ فيثبتون له هذا الحقّ، بل إنّهم يقدّمونه على الّذي للأب‏.‏

مواطن البحث

3 - لابن العمّ أحكام متعدّدة يذكرها الفقهاء مفصّلةً بأحكام مسائلها في مواطنها ومن ذلك‏:‏ النّكاح والحضانة والنّفقة والزّكاة والإرث والحجر والقصاص، وغير ذلك‏.‏

ابن العمّة

التّعريف

1 - ابن العمّة إمّا أن يكون نسبيّاً أو رضاعيّاً‏.‏ فابن العمّة من النّسب هو الولد الذّكر النّسبيّ للعمّة النّسبيّة، سواء كانت هذه العمّة أخت الأب لأبيه وأمّه، أو لأبيه، أو لأمّه‏.‏ أمّا ابن العمّة من الرّضاع‏:‏ فهو ابن أخت الأب الرّضاعيّ‏.‏ وعند الإطلاق ينصرف إلى النّسبيّ‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - وقد اتّفق الفقهاء على أنّ ابن العمّة من ذوي الأرحام غير المحارم، ويسري عليه من الأحكام ما يسري عليهم من الصّلة، وجواز زواجه من ابنة خاله، ومن عدم وجوب النّفقة عليه إن لم يكن وارثاً، على خلاف وتفصيل، وفي الميراث، وفي إمامة صلاة الجنازة، وفي الولاية، وتفصيل ذلك كلّه في مصطلح «أرحام»‏.‏ وذكره الفقهاء في أبواب‏:‏ الميراث، وصلاة الجنازة، والنّكاح، والنّفقة‏.‏

ابن اللّبون

التّعريف

1 - ابن اللّبون‏:‏ ولد النّاقة الذّكر استكمل سنته الثّانية وطعن في الثّالثة، سمّي بذلك لأنّ أمّه تكون قد ولدت غيره فصار لها لبن‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن هذا المعنى‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - تكلّم الفقهاء على إجزاء ابن اللّبون في الزّكاة والدّية في الزّكاة‏:‏ اتّفق الفقهاء عدا الحنفيّة، على أنّ ابن اللّبون يحلّ محلّ بنت المخاض عند فقدها، لأنّ الأصل فيما يؤخذ في زكاة الإبل الإناث، ويجوز في بعض المذاهب حلول الذّكر الأعلى سنّاً محلّ الأنثى الواجبة‏.‏ وقال الحنفيّة‏:‏ لا يحلّ محلّها، بل يصار إلى القيمة‏.‏ في الدّية‏:‏ اتّفقت المذاهب الأربعة على أنّ ابن اللّبون لا يكون من أصناف الدّية المغلّظة، ومنع الحنفيّة والحنابلة أخذه في الدّية المخفّفة أيضاً‏.‏ وقال الشّافعيّة والمالكيّة‏:‏ يدفع في الدّية المخفّفة ويكون من أصنافها‏.‏

ابن مخاض

التّعريف

1 - ابن المخاض‏:‏ ولد النّاقة إذا دخل في السّنة الثّانية‏.‏ سمّي بذلك لأنّ أمّه قد لحقت بالمخاض، أي الحوامل‏.‏ وإن لم تكن حاملاً‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن هذا المعنى‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - اتّفقت المذاهب على أنّ الأصل عدم إجزاء ابن المخاض في الزّكاة‏.‏ ولكنّ الحنفيّة أجازوا أخذه فيها بالقيمة الكائنة لبنت المخاض، لأنّ القيمة تجزئ عندهم في كلّ أصناف الزّكاة‏.‏ أمّا في الدّية فيجوز أن يدخل في أصناف الدّية المخفّفة عند الحنفيّة والحنابلة وفي رأي للشّافعيّة‏.‏ أمّا عند المالكيّة، وهو الرّاجح عند الشّافعيّة، فلا يجوز ذلك‏.‏ واتّفقوا على أنّه لا يدخل في أصناف الدّية المغلّظة‏.‏

أبنة

التّعريف

1 - أصل الأبنة في اللّغة العقدة‏.‏ ومن إطلاقاتها المتعدّدة في اللّغة والعرف أنّها نوع من الأمراض الّتي تحدث في باطن الدّبر يجعل صاحبه يشتهي أن يفعل به الفعل المحرّم، وهو فعل قوم لوط عليه السلام‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء عن هذا الإطلاق‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - من أصيب بهذا الدّاء يفترض عليه مجاهدة نفسه والامتناع عن دواعيه‏.‏ فإن وقع في هذا المحرّم أجريت عليه أحكام اللّواط‏.‏ ومن رمى به غيره تطبّق عليه أحكام القذف حدّاً أو تعزيراً‏.‏

مواطن البحث

3 - يتكلّم الفقهاء عن الأبنة في الاقتداء في باب صلاة الجماعة ‏(‏بطلان الاقتداء‏)‏، وفي الخيار ‏(‏خيار النّقيصة‏)‏ وفي القذف، وفي اللّواطة الوارد ذكرها في كتاب الحدود‏.‏

إبهام

التّعريف

1 - يرد لفظ «إبهام ‏"‏ في اللّغة بمعنيين‏:‏ الأوّل‏:‏ اسم للإصبع الكبرى المتطرّفة في اليد والقدم، وهي الإصبع الّتي تلي السّبّابة‏.‏ والثّاني‏:‏ أن يبقى الشّيء لا يعرف الطّريق إليه‏.‏ وعلى هذا فالكلام المبهم هو الكلام الّذي لا يعرف له وجه يؤتى منه‏.‏ وهو عند الفقهاء والأصوليّين لا يخرج عن المعنى اللّغويّ في الجملة، فقد جعله بعض الأصوليّين لفظاً شاملاً للخفيّ والمشكل والمجمل والمتشابه بينما جعله البعض الآخر مرادفاً للفظ «مجمل»‏.‏ وسيأتي تفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ من الموسوعة‏.‏ أمّا المقارنة بين لفظ «إبهام» «وجهالة وغرر وشبهة»‏.‏‏.‏‏.‏ وغيرها، فموطن تفصيله عند الكلام عن «جهالة»‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - الإبهام قد يقع في كلام الشّارع، وعندئذ يكون الكلام إمّا خفيّاً أو مشكلاً أو مجملاً أو متشابهاً، وسيأتي تفصيل ذلك كلّه في الملحق الأصوليّ‏.‏ وقد يقع في كلام النّاس، كقول الرّجل‏:‏ امرأتي طالق، مع أنّ له عدّة نساء، دون أن يبيّن الّتي يطلّقها منهنّ‏.‏

3 - وإذا وقع الإبهام ‏(‏بمعنى الغموض‏)‏ في العقود، كان العقد فاسداً في الجملة‏.‏ أمّا إذا وقع في غير العقود وجب البيان، إمّا بنصّ من المبهم، وإمّا بالقرعة فيما تشرع فيه، عند بعض الفقهاء، كمن طلّق إحدى نسائه ومات ولم يبيّن يقرع بينهنّ لمعرفة من تستحقّ الميراث ومن لا تستحقّ‏.‏ ويفصّل الفقهاء ذلك في أبوابه بحسب محلّ الإبهام كالنّكاح والطّلاق والإقرار والبيوع والوصيّة‏.‏ وأمّا الإبهام بمعنى الإصبع فإنّ الجناية عليها عمداً توجب القصاص، وخطأً توجب عشر الدّية‏.‏ وتفصيل ذلك في الجنايات والدّيات‏.‏

أبوان

التّعريف

1 - أبوان تثنية أب، على الحقيقة، كما تقول لزيد وعمرو‏:‏ هذان أبواكما، أو على المجاز، كما في قول اللّه تعالى حاكياً عن يعقوب من قوله ليوسف ‏{‏ويتمّ نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق‏}‏ فإنّ إبراهيم وإسحاق جدّان ليوسف‏.‏ وقد يطلق ‏"‏ الأبوان ‏"‏ على ‏"‏ الأب والأمّ ‏"‏ على سبيل التّغليب، وهذا أكثر الاستعمالات شيوعاً، وإليه ينصرف اللّفظ عند الإطلاق‏.‏

2 - الحكم الإجماليّ ومواطن البحث‏:‏ ويستعمل لفظ «الأبوين ‏"‏ في كلام الفقهاء على طريقة استعماله عند أهل اللّغة، دون فرق‏.‏ فلو استعمل هذا اللّفظ في صيغة وصيّة أو وقف، أو أمان، أو قذف، أو غير ذلك، ينصرف إلى الأب والأمّ عند الإطلاق‏.‏ فإن قامت قرينة مقاليّة على إرادة المجاز، كأن يقول‏:‏ أوصيت لأبويك فلان وفلان، لجدّه وعمّه، انصرف إلى ذلك، وكذا لو قامت قرينة حاليّة، كأن لم يكن له أب وأمّ، ولكن جدّ وجدّة‏.‏ ولمعرفة سائر أحوال الأبوين ‏(‏ر‏:‏ أب‏.‏ أمّ‏)‏‏.‏

اتّباع

التّعريف

1 - يأتي الاتّباع في اللّغة بمعنى السّير وراء الغير وبمعنى الائتمام والائتمار والعمل بكلام الغير، وبمعنى المطالبة، وغير ذلك من المعاني‏.‏ وفي الاصطلاح هو الرّجوع إلى قول ثبتت عليه حجّة، كما أطلقه الفقهاء على المعاني اللّغويّة المذكورة آنفاً في بعض الأبواب، وبنوا عليها أحكاماً‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

2 - التّقليد هو العمل بقول الغير من غير حجّة‏.‏ والاتّباع هو الرّجوع إلى قول ثبتت عليه حجّة، وهو في الفعل‏:‏ الإتيان بالمثل صورةً وصفةً، وفي القول‏:‏ الامتثال على الوجه الّذي اقتضاه القول‏.‏ والاقتداء هو التّأسّي، اقتدى به إذا فعل مثل فعله تأسّياً‏.‏ والقدوة‏:‏ الأصل الّذي تتشعّب منه الفروع‏.‏

الحكم الإجماليّ

3 - يختلف الحكم التّكليفيّ للاتّباع، فقد يكون واجباً، وذلك فيما كان طاعةً للّه سبحانه وتعالى، مطلوبةً على سبيل الوجوب كاتّباع الشّريعة، واتّباع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أمور الدّين‏.‏ ولا خلاف في وجوب ذلك على جميع الأمّة سواء في ذلك مجتهدهم ومقلّدهم‏.‏

4 - أمّا أفعال النّبيّ صلى الله عليه وسلم الجبلّيّة، فالاتّفاق على أنّ الحكم في اتّباعها بالنّسبة للأمّة الإباحة، وأنّ ما بيّنه صلى الله عليه وسلم يأخذ حكم المبيّن‏.‏ إن وجوباً فوجوب، وإن ندباً فندب‏.‏ وأمّا ما جهل حكمه من الأفعال فإن ظهر فيه قصد القربة فحكمه النّدب، وإلاّ فحكم اتّباع الأمّة له فيه مذاهب‏:‏ الوجوب وهو مذهب مالك، والنّدب وهو مذهب الشّافعيّ، والإباحة وهو الصّحيح عند أكثر الحنفيّة‏.‏ وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ‏.‏

5 - أمّا اتّباع غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم فمن المقرّر أنّ المجتهد فيه هو كلّ حكم شرعيّ ليس فيه دليل قطعيّ، فلا يجوز الاجتهاد في وجوب الصّلاة ونحوها من الفرائض المجمع عليها، ولا فيما اتّفقت عليه الأمّة من جليّات الشّرع الثّابتة بالأدلّة القطعيّة‏.‏ وعلى ذلك فالمكلّف إن كان عالماً قد بلغ رتبة الاجتهاد، واجتهد في المسألة، وأدّاه اجتهاده إلى حكم من الأحكام، فلا خلاف في امتناع اتّباعه لغيره في خلاف ما أدّاه إليه اجتهاده، وإن لم يكن قد اجتهد فيها ففي جواز اتّباعه لغيره من المجتهدين خلاف‏.‏ أمّا العامّيّ ومن ليس له أهليّة الاجتهاد فإنّه يلزمه اتّباع المجتهدين عند المحقّقين من الأصوليّين‏.‏ وينظر تفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ‏.‏

6 - كذلك يجب اتّباع أولي الأمر وهم الأئمّة، ولا خلاف في وجوب طاعتهم في غير معصية‏.‏ وكذلك يجب اتّباع المأموم للإمام في الصّلاة باتّفاق‏.‏

7 - وقد يكون الاتّباع مندوباً وذلك كاتّباع الجنازة وقد يكون الاتّباع محرماً، وذلك كاتّباع الهوى‏.‏ أمّا الاتّباع بمعنى المطالبة بالدّين، فهذا حقّ من الحقوق الّتي تثبت للدّائن على المدين، فمن كان له دين على آخر فله حقّ اتّباعه به، أو اتّباع الكفيل إن وجد والاعتبار هنا للدّين الّذي يتعلّق بالذّمّة، وقد يتعلّق الدّين بالعين فتتّبع به‏.‏

مواطن البحث

8 - للاتّباع أحكام كثيرة مفصّلة في مواطنها، من ذلك مبحث الاجتهاد والتّقليد عند الأصوليّين، ومباحث صلاة الجماعة، وحمل الميّت في باب صلاة الجنازة، والإمامة في كتب الأحكام السّلطانيّة، وكذلك في الحجر والرّهن الوديعة والكفالة عند الفقهاء‏.‏

اتّجار

انظر‏:‏ تجارة‏.‏

اتّحاد الجنس والنّوع

التّعريف

1 - الجنس لغةً الضّرب من كلّ شيء، وهو أعمّ من النّوع‏.‏ والنّوع لغةً الصّنف، وهو أخصّ من الجنس‏.‏ والاتّحاد امتزاج الشّيئين واختلاطهما حتّى يصيرا شيئاً واحداً‏.‏ ولا يخرج استعمال الفقهاء للجنس والنّوع والاتّحاد عن المعنى اللّغويّ، لكنّهم يختلفون في معنى اتّحاد الجنس‏.‏ فهو عند الحنفيّة اتّحاد الاسم الخاصّ واتّحاد المقصود‏.‏ ويقصد به المالكيّة استواء المنفعة أو تقاربها‏.‏ وقال الشّافعيّة هو أن يجمع البدلين اسم خاصّ، فالقمح والشّعير جنسان لا جنس واحد‏.‏ ولا عبرة بالاسم الطّارئ، كالدّقيق، الّذي يطلق على طحين كلّ منهما ومع ذلك يعتبران جنسين‏.‏ وعرّفه الحنابلة باشتراك الأنواع في أصل واحد وإن اختلفت المقاصد‏.‏ وقد يختلف المراد بالجنس عند بعض الفقهاء من موضع لآخر، فالذّهب والفضّة جنسان في البيوع عند المالكيّة، جنس واحد في الزّكاة، فالمجانسة العينيّة لا تعتبر في الزّكاة عندهم، وإنّما يكتفى فيها بتقارب المنفعة‏.‏ واتّحاد الجنس جزء علّة عند الحنفيّة في تحريم بيع الرّبويّ بمثله، لأنّ العلّة عندهم جزءان هما الجنس والقدر‏.‏ والقدر‏:‏ هو الوزن أو الكيل‏.‏ أمّا عند غيرهم فهو شرط‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - اتّحاد الجنس شرط لصحّة أداء الواجب في الزّكاة، ومقيّد لبعض التّصرّفات، فعند اتّحاد جنس النّصاب في زكاة غير الإبل يرى المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّه يجزئ الخارج من النّصاب فما فوقه عنه، فإن اختلف جنس الخارج عن جنس النّصاب فلا يجزئ‏.‏ وقال الحنفيّة بجواز إخراج القيمة، اتّحد الجنس أو اختلف‏.‏ وفي بيع الرّبويّ بربويّ مثله إن اتّحد جنس العوضين حرم التّفاضل باتّفاق وبطل البيع، وصحّ مع التّماثل إذا كان يداً بيد‏.‏ ولا يختلف اتّحاد النّوع عن اتّحاد الجنس في الرّبويّات، أمّا في الزّكاة فيجوز إخراج نوع عن آخر لاتّحاد الجنس‏.‏

مواطن البحث

3 - يتكلّم الفقهاء عن اتّحاد الجنس في الزّكاة ‏(‏زكاة المواشي والزّروع والأثمان‏)‏ وفي الحجّ ‏(‏اتّحاد الفدية‏)‏ وفي الرّبا وفي السّلم وفي المقاصّة وفي الدّعوى ‏(‏مسألة الظّفر‏)‏‏.‏